responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3756
(وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ) أَيْ: عَلِمًا يَقِينًا (أَنَّهُ) أَيِ: النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (خَارِجٌ. أَيْ: ظَاهِرٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ (وَلَمْ أَكُنْ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ) ، أَيْ: مِنْ نَسْلِ إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ أَبُو الْعَرَبِ، بَلْ كُنْتُ أَظُنُّهُ أَنَّهُ مِنْ مَعْشَرِ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهُمْ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ دَاحِضَةٌ وَبَلِيَّةٌ غَامِضَةٌ، فَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا، وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا وَالْحَقُّ أَحَقَّ أَنْ يُتَّبَعَ. (وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ) : بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ: أَصِلُ (إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى خِدْمَتِهِ وَدَوْلَتِهِ وَحَضْرَةِ رُؤْيَتِهِ (لَأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ) أَيْ: دَوْلَةَ مُلَاقَاتِهِ وَسَعَادَةَ مُتَابَعَتِهِ، (وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ) أَيْ: وَلَوْ صِرْتُ فِي مَقَامِهِ، وَوَصَلْتُ إِلَى مَوْضِعِ قِيَامِهِ (لَغَسَلْتُ) أَيْ: وَجْهِي (عَنْ قَدَمَيْهِ) أَيْ: غَسْلًا صَادِرًا عَنْ مَاءِ أَقْدَامِهِ، لِمَا أَرَى لَهُ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ وَإِقْدَامِهِ، أَوِ التَّقْدِيرُ غَسَلْتُ الْغُبَارَ وَالْوَسَخَ عَنْ قَدَمَيْهِ فَضْلًا عَنْ تَقْبِيلِ يَدَيْهِ، (وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ) . بِالتَّشْدِيدِ لِلتَّثْنِيَةِ الْمُنْبِئَةِ عَنِ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ عَرَفَ صِدْقَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا شَحَّ بِالْمُلْكِ وَرَغِبَ فِي الرِّيَاسَةِ، فَآثَرَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ لَوَفَّقَهُ، كَمَا وَفَّقَ النَّجَاشِيَّ، وَمَا زَالَتْ عَنْهُ الرِّيَاسَةُ. وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيُّ: اخْتُلِفَ فِي زَمَانِهِ، وَالْأَرْجَحُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْكُفْرِ، فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، أَنَّهُ كَتَبَ مِنْ تَبُوكَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَبَ، بَلْ هُوَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ. قُلْتُ: لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَلَى مَوْتِهِ بِالْكُفْرِ، وَإِنَّمَا رُجِّحَ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ.
(ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَرَأَهُ) . أَيْ: فَعَظَّمَهُ، وَبَالَغَ فِي مُحَافَظَتِهِ فَصَارَ سَبَبًا لِبَقَاءِ الْمُلْكِ فِي ذُرِّيَّتِهِ، بِخِلَافِ كِسْرَى حَيْثُ شَقَّهُ وَمَزَّقَهُ، فَمَزَّقَ اللَّهُ مُلْكَهُ، وَفَرَّقَ وَلَدَهُ، وَأَخْرَجَ اللَّهُ عَنْهُمْ مُلْكَهُ. قَالَ سَيْفُ الدِّينِ: (أَرْسَلَنِي مَلِكُ الْعَرَبِ إِلَى مَلِكِ الْفِرِنْجِ فِي شَفَاعَةٍ، فَقَبِلَهَا وَعَرَضَ عَلَيَّ الْإِقَامَةَ فَأَبَيْتُ، فَقَالَ: لَأُتْحِفَنَّكَ بِتُحْفَةٍ سَنِيَّةٍ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُنْدُوقِهِ مِقْلَمَةً مِنْ ذَهَبٍ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا كِتَابًا قَدْ زَالَ أَكْثَرُ حُرُوفِهِ، فَقَالَ: هَذَا كِتَابُ نَبِيِّكُمْ لِجَدِّي قَيْصَرَ مَا زِلْنَا نَتَوَارَثُهُ إِلَى الْآنَ، وَقَدْ أَوْصَانَا بِأَنَّهُ مَا دَامَ عِنْدَنَا لَا يَزُولُ الْمُلْكُ مِنَّا، فَنَحْنُ نَحْفَظُهُ لِيَدُومَ الْمُلْكُ لَنَا) ذَكَرَهُ أَكْمَلُ الدِّينِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
(وَقَدْ سَبَقَ تَمَامُ الْحَدِيثِ) : وَهُوَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ (فِي بَابِ الْكِتَابَةِ إِلَى الْكُفَّارِ) .

[بَابٌ فِي الْمِعْرَاجِ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
5862 - (عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [عَنْ مَالِكِ] بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: (بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ - وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ، فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ) يَعْنِي مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ " فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعِيدَ) - وَفِي رِوَايَةٍ: " ثُمَّ غُسِلَ الْبَطْنُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ مُلِئَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً لِلَّهِ ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ، أَبْيَضَ يُقَالُ لَهُ: الْبُرَاقُ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ: قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَاسْتَفْتَحَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا لَهُ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَهَذَا عِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالَا: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِذَا يُوسُفُ، قَالَ: هَذَا يُوسُفُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ. ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِدْرِيسُ، فَقَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرَئِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَفُتِحَ، فَلَمَّا دَخَلْتُ، فَإِذَا هَارُونُ. قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرَئِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى، قَالَ: هَذَا مُوسَى، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرَ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي؛ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرَئِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا: قَالَ: جِبْرَئِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ إِبْرَاهِيمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلَالِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ، قَالَ: هَذَا سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، قُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِيَ الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنَى عَشْرًا. فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ. قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ، نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[6]- بَابٌ فِي الْمِعْرَاجِ
الْعُرُوجُ: هُوَ الذَّهَابُ فِي صُعُودٍ. قَالَ تَعَالَى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [المعارج: 4] وَالْمِعْرَاجُ بِالْكَسْرِ شِبْهُ السُّلَّمِ مِفْعَالٌ مِنَ الْعُرُوجِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ، فَكَأَنَّهُ آلَةٌ لَهُ، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ آلَةٌ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِسْرَاءِ، كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي رِسَالَتِي الْمُسَمَّاةِ بِالْمِدْرَاجِ لِلْمِعْرَاجِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ لِصُعُودِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ: إِنَّمَا كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْمَنَامِ، وَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ، وَمُعْظَمُ السَّلَفِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَالْمُحَدِّثِينَ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، أَنَّهُ أُسْرِيَ بِجَسَدِهِ، فَمَنْ طَالَعَهَا وَبَحَثَ عَنْهَا، فَلَا يَعْدِلُ عَنْ ظَاهِرِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي حَمْلِهَا عَلَيْهِ، فَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ، وَقِيلَ: ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ، وَهُوَ غَلَطٌ يُوَافِقُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْإِسْرَاءَ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا. وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: كَانَ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ، قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَمْسِ سِنِينَ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أُسْرِيَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ فَشَا الْإِسْلَامُ بِمَكَّةَ، وَأَشْبَهُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَابْنِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَانَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ: وَهُوَ نَائِمٌ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، فَقَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَجْعَلُهَا رُؤْيَا نَوْمٍ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، إِذْ قَدْ يَكُونُ فِيهِ ذَلِكَ حَالَةَ أَوَّلِ وُصُولِ الْمَلَكِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ نَائِمًا فِي الْقِصَّةِ كُلِّهَا وَقَالَ مُحْيِي السُّنَّةِ فِي الْمَعَالِمِ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى ذَلِكَ. قُلْتُ: وَمِنَ الْقَلِيلِ مَنْ قَالَ بِتَعْدَادِ الْإِسْرَاءِ نَوْمًا وَيَقَظَةً وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ.

نام کتاب : مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح نویسنده : القاري، الملا على    جلد : 9  صفحه : 3756
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست